حرب الكرامة بين الجنسين
ثمة حرب خفية تدور منذ عقود بين الرجال والنساء،
ليست حرباً على الحقوق الحقيقية، بل على تفاصيل تافهة ارتفعت إلى مرتبة "القوانين الاجتماعية"
الرجال يسخرون من النساء : "ما تعرفون تسوقون"، كلكم تحبون الفلوس"، "ما تصلحون للقيادة ولا
للمناصب الكبيرة"
والنساء يرددن: "كلكم "خونة" "كلكم أنانيون"، "الرجال لا يعرفون الحب، فقط يعرفون الجسد والسيطرة"
هكذا تتحول العلاقة بين الجنسين من شراكة إنسانية إلى لعبة تبادل إهانات لعبة سخيفة أساسها الكرامة المجروحة لا الحقيقة.
الحقيقة أن هذه القوانين" ليست سوى أوهام صنعها كل جنس ليحمي نفسه من ضعفه
الرجل حين يعجز عن الاعتراف بخوفه من الرفض أو الفشل يختبئ خلف قناع "كل النساء سطحيات"
والمرأة حين تتألم من خيانة واحدة تضع قانوناً عاماً
" كل الرجال خونة"
هكذا كل طرف يدفن جرحه الخاص تحت تلال من الشتائم العامة.
لكن النتيجة ماذا ؟
نحن لا نقترب من فهم بعضنا بل نصنع جداراً أعلى نربي جيلاً جديداً يرى العلاقة بين الرجل والمرأة كساحة حرب لا كجسر عبور جيل يرى الحب كمغامرة خطرة لا كحاجة بشرية طبيعية.
هذا النوع من الصراع لا يكشف عن قوة بل عن هشاشة جبانة هشاشة تجعل الرجل يظن أن "إثبات رجولته يكون بإهانة النساء"
وهشاشة تجعل المرأة تظن أن "إثبات قوتها" يكون بتحطيم صورة الرجل.
نعم هناك ظلم تاريخي وقع على النساء ولا يمكن إنكاره.
لكن حين يتحول هذا التاريخ إلى ذريعة دائمة للانتقام ندخل في حلقة مفرغة: رجل يهاجم امرأة ترد، وكلاهما يبرر عدوانه بأنه " يدافع عن نفسه"
وفي النهاية الخاسر ليس جنساً بعينه، بل الإنسان نفسه.
تضيع فرصة أن نرى بعضنا كما نحن كائنات ضعيفة، قوية متناقضة، تبحث عن الاعتراف والاحتواء.
هذه الحرب التافهة يجب أن تُسمى باسمها الحقيقي لیست حرب حقوق... بل حرب أنانيات صغيرة.
وكلما بقينا عالقين فيها، ازداد الخراب في قلوب الطرفين.

